عندما يلتقي الجوار بالتحدي: قصة التدخل في اليمن
دعنا نضع الأمور ببساطة. عندما اندلعت الأزمة في اليمن، لم تكن السعودية والإمارات مجرد جارين يراقبان المشهد من بعيد. كلاهما رأى في الفوضى تهديداً مباشراً لأمنه القومي، ولكن لكل منهما أهدافه الخاصة التي تلونت مع تقدم الأحداث. كان الهدف المعلن واضحاً: إعادة الشرعية ومواجهة نفوذ جماعة مسلحة مدعومة من قوى إقليمية منافسة. كانت البداية تحالفاً ضرورياً، لكن التاريخ يعلمنا أن التحالفات التي تُبنى على حسابات جيوسياسية معقدة نادراً ما تدوم بنفس الشكل.
المصالح المتوازية: أمن الحدود مقابل النفوذ الاستراتيجي
لماذا دخلت الرياض وأبو ظبي المعادلة؟ بالنسبة للسعودية، كانت الأولوية هي تأمين حدودها الجنوبية ومنع تحول اليمن إلى قاعدة انطلاق للتهديدات. الأمن الحدودي كان الحجر الأساس في قرارها. أما الإمارات، فكانت ترى في اليمن ساحة حيوية لحماية ممراتها البحرية الحيوية في باب المندب، ورغبت في ترسيخ نفوذها في الجنوب اليمني تحديداً، وهو ما يختلف قليلاً عن التركيز الشمالي السعودي.
كانت الرؤية المشتركة قائمة على إزاحة التهديد، لكن التفاصيل كانت تخفي بذور الاختلاف. كل طرف كان يدير ملفاته الميدانية بأسلوب مختلف، ويتعامل مع القوى المحلية بمسارات متباينة. هذا التباين لم يظهر فجأة، بل كان يتراكم تحت السطح كتيار مائي تحت الرمال.
نقطة التحول: كيف بدأ الخلاف يطفو على السطح؟
الخلاف لم يكن حول المبدأ، بل حول التطبيق والسيطرة على الأرض. بدأت الشقوق تظهر بوضوح عندما بدأت الإمارات تتبنى استراتيجية مختلفة في إدارة المناطق التي تسيطر عليها، مركزة على بناء سلطة محلية قوية في الجنوب. هذا تباين مع الاستراتيجية السعودية التي كانت تميل أكثر لدعم الحكومة المعترف بها دولياً بشكل مركزي.
عندما بدأت الصدامات بين الفصائل المدعومة من الطرفين، تحول التنسيق الضيق إلى تنافس صريح. لم يكن الخلاف مجرد سوء تفاهم، بل كان صراعاً حول تعريف 'النصر' في سياق يمني معقد. متى توقف هذا التنافس؟ عندما أدرك الطرفان أن استمرار المواجهة الداخلية يخدم الخصم الأكبر. هذا الإدراك أجبرهما على سحب بعض التوترات، لكن الأسئلة حول الأدوار المستقبلية ظلت قائمة، معلنة نهاية مرحلة 'الوحدة المطلقة' في التعامل مع الملف اليمني.
