عامٌ ينسلُّ والوجع باقٍ
تخيل أن تودّع عاماً جديداً، لا بضجيج الاحتفالات، بل بصوت القذائف البعيدة وهمس الدعوات الخافتة. هذا هو المشهد الذي رسمه السودانيون لعام 2025. وبينما كان العالم يطوي صفحات التقويم، كان ملايين السودانيين يطوون صفحات أخرى من الصبر والأمل المجهض.
بالنسبة للكثيرين، لم يكن هذا العام سوى نسخة مكررة ومظلمة لما سبقه. الحرب، التي بدأت كصدع ثم تحولت إلى خندق عميق، استمرت تلتهم الأرض والإنسانية على حد سواء. إنها ليست مجرد إحصائيات؛ إنها حكايات أمهات يفتقدن الأمان، وأطفال لم يروا مدرسة قط، وشباب يصارعون من أجل لقمة العيش في خضم الفوضى.
أزمة تتجذر في عمق الحياة
عندما نتحدث عن الأسوأ، فإننا لا نتحدث عن مجرد أزمة، بل عن انهيار منهجي يطال كل تفصيلة. الوضع الإنساني في السودان وصل إلى مرحلة لا تحتمل، وهي مرحلة تتجاوز العناوين الرئيسية لتستقر في تفاصيل الحياة اليومية القاسية.
ماذا يعني أن تعيش في أسوأ أزمة إنسانية في العالم؟ يعني أنك تعيش على حافة الهاوية يومياً، حيث تكون الأولويات بسيطة ومأساوية في آن واحد:
- تأمين جرعة ماء نظيف.
- البحث عن مكان آمن لنوم الليلة.
- النجاة من صراع لا تعرف أطرافه ولا نهايته.
صمودٌ لا يُقهر وإرادة لا تنطفئ
على الرغم من هذا الظلام المستمر، يبرز وجه آخر للسودان؛ وجه الصمود المذهل. إنها قوة الإرادة البشرية التي ترفض أن تنكسر رغم كل شيء. هؤلاء الناس يودعون عام 2025 وهم يحملون في قلوبهم بذرة أمل صغيرة، ربما تكون الوحيدة المتبقية.
نحن كصحفيين، يجب أن نتذكر دائماً أن وراء كل رقم في التقارير الإنسانية، هناك قصة شخصية، هناك قلب ينبض، وهناك حياة تنتظر أن تعود إلى طبيعتها. عام 2025 كان قاسياً، لكنه لم يستطع أن يسرق إنسانية أهل السودان. السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه الآن: متى سيبدأ العالم بالاستماع حقاً لهذا الصمود، ومتى ستنتهي هذه المأساة؟
