تلك اللحظات التي لا تُنسى في عدن

تخيل معي المشهد: دخان يتصاعد من ميناء حيوي، وصوت احتجاجات يملأ شوارع عدن. هذا ليس مشهداً من فيلم قديم، بل هو نبض الشارع اليمني الجنوبي في أيام قليلة عصفت بها رياح التوترات. كيف يشعر الناس هناك عندما تتحول الخلافات السياسية بين الشركاء إلى قصف مدوٍ؟ هذا هو السؤال الذي يتردد صداه في كل زاوية.

الصفقة الهادئة التي هزت المنطقة

لفترة وجيزة، بدا أن الصراع يتجه نحو الأسوأ. قصف سعودي مفاجئ على ميناء المكلا، وخلف الكواليس، خلافات حادة بين الحكومة المعترف بها والإمارات التي كانت شريكاً أساسياً. ثم، فجأة، هدأت العاصفة بإعلان أبوظبي سحب قواتها. هذه الخطوة لم تكن مجرد تغيير تكتيكي؛ لقد كانت إشارة واضحة بأن الترتيبات القديمة لم تعد صالحة.

صوت الانفصال يعلو من جديد

مع سحب القوات، لم يعد الصمت هو سيد الموقف. خرج الجنوبيون إلى الشوارع، ليس للمطالبة بإنهاء الحرب، بل للمطالبة بشيء أقدم وأكثر رسوخاً: الانفصال. الاحتجاجات في عدن والضالع والمهرة كانت رسالة مدوية للجميع، مفادها أن حلم الدولة الجنوبية لم يمت، بل كان يختبئ تحت الرماد ينتظر الفرصة المناسبة للظهور.

انقسام الشارع: بين الوحدة والكيان المستقل

لكن المشهد ليس وردياً بالكامل. فبينما يرفع البعض علم الجنوب، يخشى آخرون من الانزلاق نحو مزيد من التمزق في بلد يعاني أصلاً من ويلات الحرب. الانقسام داخل الشارع اليمني أصبح أكثر وضوحاً اليوم. هل سنرى دولتين جديدتين تتصارعان على إرث واحد؟ أم أن هذه اللحظة الحرجة ستجبر الجميع على إعادة النظر في خارطة الطريق؟ المستقبل في الجنوب يكتب الآن، صفحة بصفحة، تحت ضغط الشارع والتحولات الجيوسياسية.