بين نزوح سكان جونقلي تحت نيران القتال واستئناف تشغيل حقل هجليج النفطي، يكشف المقال عن الصراع الإنساني والاقتصادي المتشابك في جنوب السودان.
الرحيل القسري تحت دوي الرصاص
تخيل أن بيتك الذي بنيته بجهد عمرك أصبح فجأة منطقة محظورة، عليك أن تتركه الآن. هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه سكان ولاية جونقلي في جنوب السودان. القتال يتصاعد، والأصوات القادمة من هناك ليست مجرد إحصائيات، بل هي قصص عائلات اضطرت للنزوح، تاركة خلفها كل شيء خوفاً من القذائف. الجيش يصدر أوامر الإخلاء، لكن السؤال الذي يحاصر الجميع: لمن يترك هؤلاء الناس أرضهم؟ ومن سيحميهم في العراء؟
النفط يعود للضخ.. وسط أنين المدنيين
في خضم هذه الفوضى الإنسانية، تأتي الأخبار الاقتصادية وكأنها صفعة قوية. الرئيس سلفا كير يعلن استئناف العمل في حقل هجليج النفطي الحيوي. هذا الحقل، الذي كان يوماً مصدراً للثروة، عاد للعمل بعد سيطرة قوات الدعم السريع. هل يعني هذا أن عجلة الاقتصاد ستدور مجدداً؟ نعم، ولكن بثمن باهظ جداً، ثمن يدفعه المدنيون النازحون.
أين تذهب المليارات؟
الخلاف ليس جديداً، لكنه يتجدد مع كل برميل نفط يُستخرج. القصة الحقيقية وراء هذا الاستئناف هي معركة السيطرة على عائدات النفط. من يملك حق توجيه مسار التصدير؟ وكيف سيتم توزيع الأموال؟ يبدو أن مفاوضات تقاسم الثروة لا تزال متعثرة، بينما تستمر الخلافات العسكرية في إراقة دماء الأبرياء على أرض جونقلي.
مستقبل معلق على خيط رفيع
نحن أمام مشهد مأساوي؛ استقرار هش في قلب منطقة استراتيجية يعني استمرار الضغط على المدنيين. قرار تشغيل هجليج يضع ضغوطاً هائلة على المفاوضات السياسية لإيجاد حل عادل ودائم. ففي الوقت الذي ينتظر فيه العالم رؤية استقرار يلوح في الأفق، يجد سكان المنطقة أنفسهم عالقين بين مطرقة الحرب وسندان الاقتصاد غير العادل. القصة لم تنته بعد، والأيام القادمة ستحمل فصولاً جديدة لهذا الصراع المعقد.